كتب محمد حسنين هيكل..عندما قرر الإنكليز منح إحدى الدول العربية إستقلالها وبدأت مرحلة سحب قواتها، كان أحد خبرائهم من الإداريين في السرايا وكان المندوب السامي الإنكليزي جالساً على كرسيه خارج مكتبه.
فخطرت له فكرة فنهض من الكرسي وسحب قبعته من على رأسه ووضعها فوق أعلى نافذة من نوافذ القصر، ثم عاد وجلس على الكرسي ونادى مجموعة من الموظفين والعمال العرب المتواجدين داخل السرايا وقال لهم:
هناك جائزة فوق القبعة في أعلى النافذة، والجائزة ستكون لمن يستطيع الوصول اليها. تدافع الموظفين والعمال وكل واحد منهم يطمع في الفوز بالجائزة.
كان التنافس بينهم محتدماً، والمندوب السامي الإنكليزي يراقبهم وقد لاحظ كلما صعد او إقترب واحد منهم من القبعة أمسك البقية برجليه وسحبوه الى أسفل ومنعوه من الوصول للهدف، تكرر المشهد طوال ما يزيد عن الساعة
عندها أوقفهم المندوب السامي منهيا تنافسهم، ثم صعد وتناول القبعة بعصاه ثم التفت اليهم قائلاً : انظروا ليس هناك جائزة وإنما هذا كان إختبار لكم وللأسف فشلتم فيه . ودعوني أقول لكم نحن سنذهب ولكنكم لن تنجحوا في إدارة بلدكم، والدليل فشلكم في هذا الإختبار البسيط، أتعرفون لماذا؟
لأنكم تتعاونون على التعطيل ولا تتعاونون على تحقيق النجاح. لو كان هذا الإختبار لنا نحن الإنكليز كنا جلسنا اولاً وإتفقنا على إختيار واحد منا ليصعد ويصل الى الهدف، ثم نتعاون جميعاً في مساعدته حتى يصل الى القبعة ويستلم الجائزة وينزل ليوزعها بيننا بالتساوي
هذه حقيقة تلخص واقعنا بمنتهى الدقة، الواقع في كثير من دولنا يكشف صدق كلمات ذلك الإداري البريطاني. اذ وبعد سنوات طويلة من الإستقلال لا زلنا نجيد تعطيل بعضنا البعض وتعطيل تنمية وتطور الوطن
نحن جيدين كأفراد ولكننا كشعب وحكومة لم نتعلم كيف نتعاون من أجل تحقيق النجاح وتنمية الوطن
ولم نزل في هذا الشرق نتعارك من أجل الحصول على القبعة التي تحتوي على الجائزة، وما إن نصل اليها حتى نجد من يمسك بأرجلنا ويشدنا الى الأسفل يبدو ان النجاح في بعض الدول وعند بعض الأصدقاء ممنوع