سياسي مخضرم لبق .. دبلوماسي يعرف متى يبتسم ومتى يرمي الابتسامة مع اطلاع واسع بأمور منطقة الشرق الاوسط وبالسياسة الاردنية والدولية . فهو ابن اربد، تولى رئاسة الوزراء بالحكومة الاردنية لدورتين، حاصل على شهادة البكالوريوس في علوم الصيدلة من الجامعة الاميركية في بيروت . تولى مناصب كثيرة، منها النيابية والوزارية كوزير للصحة والنقل والمواصلات ووزير للتربية ،في الرياضة تولى رئاسة النادي الرياضي الثقافي ثم رئيس اتحاد كرة القدم . مؤلفاته كثيرة منها : عالم الدواء – الديمقراطية بين النظرية والتطبيق . نال اوسمة تقدير من الدرجة الاولى من المملكة الاردنية الهاشمية ثم من دول : ايطاليا و المانيا والنمسا واسبانيا والنرويج وفرنسا . وبناء لدعوة من ابن الاردن البارالسيد احمد ياسين لتكريم دولة الرئيس عبد الرؤوف الروابدة اجرت مجلة الليبانون تايمز هذه المقابلة مع دولة الرئيس الذي رحب بالصحافة .. وهو العاشق للكلمة والشعر
اولا : اسمحوا لنا دولة الرئيس ان نرحب بدولتكم على صفحات الليبانون تايمز . السؤال الاول طالما أن دولتكم خرّيج الجامعة الاميركية في بيروت بعلوم الصيدلة، فإذا اردت ان تصف دواء يشفي الشرق من امراضه، فما هو الدواء الذي تصفه ؟.
هل تعتقد ان دواء واحداً يكفي للشرق الاوسط بعد ان ابتلى بالأمراض المتعددة المزمنة؟ فلا بد من مجموعة من الادوية التي تستطيع ان تعيد اليه تألقه السابق . في البداية يجب ان نقتنع اننا امة عربية واحدة مهما تميزنا واختلفنا بأنظمة الحكم وفي تركيبتنا الشعبية فان همنا واحد. ان استفراد البعض لبعضنا ادى الى غوغائية في النظام العربي واختلاله،وبالتالي لم يعد لأي دولة عربية من سند.
الامر الثاني : ان تنتبه كل دولة عربية الى تركيبتها الداخلية وأسرتها الواحدة، فهي وسيلتها في مواجهة الاختراق من اية قوى تريد ان تسيطر عليها. وعلى انظمة الحكم ان تبدأ في اصلاح نفسها لتعبر عن جماهيرها وشعوبها وان تقف الشعوب مع بعضها مكونة اسرة واحدة تستطيع التصدي للأمور الاخرى .
الامر الثالث : يجب التركيز على بناء هوية واحدة لكل دولة عربية حتى تكون هذه الهوية الوطنية هي الجامع للجميع مهما اختلفت اديانهم او اعرافهم او اصولهم او افكارهم او التزاماتهم. ستبقى هناك هويات فرعية تعتمد على الدين او الاسرة وتعتمد على العرق وعلى الفكر والرأي او الاصل والمنبت، ولكن يجب ان تبقى تحت ظل الهوية الوطنية الواحدة التي يدافع الجميع عنها ولا يعبر عن هذه الهوية إلاّ العلم الوطني، وبالتالي فان حمايته مسؤولية كل مواطن رغم الهويات الفرعية الموجودة فيه . هذه بدايات لإعادة العنفوان لأمتنا في منطقتنا .
الامر الرابع : ان ندرك انه ليس من حق اي دولة عربية التدخل في شؤون دولة اخرى بأي شكل من الاشكال كي لا يصبح انتماؤنا في الوطن مشتّت، كلٌ منا ينشد هما ينشده في مكان ما، فان كان بعثيا فله مرجع . وان كان قوميا سوريا فله مرجع. وان كان مسلما فله مرجع وان كان شيوعيا فله مرجع ايضا . وهكذا فقدنا الهوية العربية والدولة الوطنية فشتتنا امتنا العربية وضيعنا دولتنا القطرية
دولة الرئيس هل تعتقد بان جلالة الملك عبد الله مهيئٌ لقيادة الامة العربية بعد فشل اكثرية حكام العرب ؟.
لا شك ان كفاءة الملك عبد الله وما يقوم به يؤهله لدور كبير، لكن علينا ان نعرف ان لكل دولة عربية دور وليس من حق دولة واحدة ان تستفرد بالدور العربي . علينا ان نركز على امل بان كل دولة عربية لها دور وهذا ما يجتهد فيه الملك عبد الله واجتهاده بان للأردن دور ولكن ليس على حساب احد . بل الدور الذي يقوم به هو ابراز الموقف الاردني الملتزم بقضايا الامة الملتزم بهموم الشعب الاردني ومحاولة في اعطاء مثال للآخرين ان هذا هو الطريق الذي يوصلهم الى الحكم الرشيد . دولة الرئيس هل نحن في حرب الحضارات ام في حرب الاديان ؟
لا اعتقد اننا في حرب الاديان ولا في حرب الحضارات فالصراعات بين الاديان قائمة منذ ظهور الاديان ولو عدنا للتاريخ لوجدنا ذلك، ولكننا نعيش اليوم في مرحلة من مراحل التراجع العربي الذي بدأ يفتش عن عناصر الاختلاف والتمزق فاستعمل الدين وسيلة من وسائل التمزق، وكذلك سنجد من يحمل الدين الاسلامي كعنصر تسامح وعنصر الفة ومحبة وعنصر دعوة الى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، ومن ناحية ثانية تجد من يدعو باسم الاسلام الى التكفير والى استبعاد الآخر ومحاولة اختصار الوطن على نفسه . اذن ليس الدين هو المرجعية لهذه الاختلافات انما هناك من يحاول استثمار الدين . وهذا الكلام ليس قسرا على الاسلام فقد دخلت تلك الامراض على اليهودية والبوذية والسيخية والمسيحية ولم يبق احد لم يمارس الاستقواء بالدين . دولة الرئيس لماذا لا يوجد قنصل فخري في هيوستن للمملكة الاردنية الهاشمية اسوة ببقية الدول؟.
انا لست مسؤولا تنفيذيا فانا اتمنى ان ارى قنصلا فخريا للأردن في هيوستن، ولكن اتمنى على الجالية الاردنية ان تحاول الاتفاق على صيغة واحدة متقاربة وسأكون داعما لهم في الاردن نيابة عنهم وناطقاً بلسانهم . دولة الرئيس يقال بأنك العاشق للشعر والأدب والكلمة ووالحب ؟
الله محبة والإسلام يعيش على الحب ايضا .. الله محبة في المسيحية وهو محبة في الاسلام وهو محبة في كل الاديان ومن لا يتسع قلبه للحب لا يمكن ان يكون متدينا صادقا . اما الشعر فانا العاشق له لأنني احب الكلمة واللغة العربية، كما اعشق ان اعبر عن نفسي شعرا فانا مغرمٌ بالجمال : جمال المرأة – جمال الطبيعة – جمال الانسان – وجمال الدين . فانا العاشق لها لذلك كتبت كل انواع الجمال شعرا . دولة الرئيس الكلمة الاخيرة لمن توجهها ؟
اوجهها للأردني وللسوري واللبناني والعراقي ولكل عربي واقول لهم : لكل وطن هوية واحدة يستظل بظلها كل مواطن مهما اختلف دينه او عرقه او فكره او اصله . هذه الهوية الوطنية الواحدة هي التي تجمع الجميع ويمثلها علم الدولة، فعليهم ان يقفوا جميعا الى جانبه . نعم لديهم هويات فرعية لا يستطيع اي انسان ان يناقضها، فالمسيحي مسيحي .. والمسلم مسلم .. والعربي عروبي .. واليساري يساري . فهويتهم الفرعية يجب ان تنسجم ضمن اطار الهوية الوطنية والنظر لمصلحة الوطن .. ومن حاول الاستفراد بالوطن عرف النتيجة انه اضعفَ الوطن ودفّع الآخرين الثمن .. ودفع بعده الثمن الباهظ .
هذه المقابلة جرت بحضور المتقدم بالكهنة الاب كبريال كرم – وكل من رجال الاعمال السادة : البرت حداد – حسين ياسين – والدكتور عمر الناصر . وشكر خاص لرجل الاعمال السيد احمد ياسين