بمناسبة عيد الاستقلال اللبناني الذي يصادف في 22 نوفمبر (تشرين الثاني) انحني امامه وأقدم له مقالين، الاول بعنوان: يوم من اصل 365 يوماً. اما المقال الثاني فهو بعنوان : شو كان انبسط الاستقلال .لذا سنبدأ بالمقال الاول. الحمد الله بأن هناك يوماً واحداً للذكرى والتاريخ ليذكرنا بالوطن بالأرض .. بالشهداء وبالاستقلال.
تذكر يا لبناني استقلالك خلال يوم واحد بالسنة .. يوم واحد من اصل 365 يوما.
ويبقى للبناني 364 يوما في السنة تدعى الارتباط بالخارج او العبودية للخارج .. ومرحبا استقلال .. ويكفيك يوم واحد في السنة .
اما بقية الايام فهي الولاء لإيران .. للسعودية .. لفرنسا .. لبريطانيا .. للولايات المتحدة الاميركية ..الولاء للطوائف والطائفية .. الولاء للأحزاب وللتيارات .364 يوم ولاء للخارج، ويوما واحدا للاستقلال .. وكيفك يا وطن !.
وزارات وحكومات ونواب وسياسيين وزعماء احزاب وطوائف، يقدمون يوما واحدا في السنة اكاليل الغار على قبور الشهداء في عيد الاستقلال وووو..364 يوما يتقاتلون فوق قبورهم باسم الوطنية والطائفية .. وطمئني عنك يا استقلال، يتذكرونك يوما واحدا في عيد الاستقلال ويستقلون عنك 364 يوما في السنة .
والحق نقول بأننا لم نعد نفرّق اذا كان عيد الاستقلال هو عيد للحرية والسيادة والأرض والوطن … ام عيد لاستقلالنا عن الوطن .
والآن الى التعليق الثاني بعنوان :شو كان انبسط الاستقلال
وقف احد رجال السياسة على المنبر بمناسبة عيد الاستقلال ونفخ صدره وسحب الخطاب الذي اعده بهذه المناسبة وامسك المذياع بيده قائلا :
ايها الحضور الكريم بمناسبة عيد الاستقلال سأتكلم عن السيادة، وعن الحرية ،وعن الكرامة في الاوطان وكيف يجب ان يستبسل المواطن من اجل وطنه ويدافع عن كل حبة تراب وان يكون ولاؤه للوطن للبنان فقط للبنان وليس للخارج، وان يتباهى بهويته ويجب ان تكون طائفته لبنان وانتماؤه للبنان لا للخارج وان يكون كل لبناني على مثال نوابنا الكرام ووزرائنا الاجلاء الذين يعشقون تراب الوطن

 فصرخ احد الحضور قائلا : آه لو كان الاستقلال حيا يرزق وسمع هذا الكلام شو كان انبسط الاستقلال ..!.
مع رجلين بدأت معركة الاستقلال !.
عام 1916 تطوعت مجموعات من الشبان اللبنانيين في “فرقة الشرق” التي انشأها الحلفاء في المنطقة العربية وقد تضمنت شرطين اساسيين الشرط الاول : ينص على ان لا يقاتلوا سوى العثمانيين.
الشرط الثاني : انخراطهم في القوات الحليفة في سبيل تحرير لبنان . ففي عام 1918 اصبحت الفرقة تضم في صفوفها اول سرية من سرايا الجيش اللبناني وهي سرية (23) التي رافق تأليفها الكثير من التعاطف والحماس ثم توالى انشاء السرايا. وفي ايلول (سبتمبر) من العام 1920 حصل تطور ايجابي حيث اعلن الجنرال غورو دولة لبنان الكبير .عام 1921 اخذت سرايا القناصة اللبنانية تنشر العمران في ارجاء الوطن من البناء الى شق الطرقات وإنشاء الجسور ومكافحة الجراد فكان عهد من المحبة والود والتقدير بين اللبنانيين وجيشهم .
في ايلول (سبتمبر) العام 1939 اندلعت الحرب العالمية الثانية واحتلت الجيوش الفرنسية لبنان فتداعى اربعون ضابطا للاجتماع في ذوق مكايل بتاريخ 26 تموز(يوليو) ووقعوا وثيقة شرف وتعهدوا فيها بعدم قبول الخدمة الا في سبيل لبنان وتحت رايته وان لا تكون لهم علاقة الا مع حكومته الوطنية . وفي اليوم نفسه القى الجنرال ديغول الذي كان يزور بيروت خطابا وعد فيه بتحقيق الاستقلال  وفي 29(اغسطس) ولغاية 5 (سبتمبر) من العام 1943 جرت انتخابات نيابية تم على اثرها انتخاب الشيخ بشارة الخوري رئيسا للجمهورية الذي قام بدوره بتكليف رياض الصلح بتشكيل حكومته . ومع الرجلين بدأت معركة الاستقلال تعيش لحظاتها الحاسمة بعد تلاوة بيان الاستقلال فقد امرت السلطات الفرنسية باعتقال رئيس الجمهورية والحكومة وعدد من الوزراء واحد النواب وأودعتهم سجن قلعة راشيا .
فور شيوع خبر الاعتقال شهد لبنان حالة من الغليان الشعبي واشتعلت الشوارع بالمظاهرات وبدعم من الضباط اللبنانيين شكلت حكومة مؤقتة سرعان ما انضمت الى الحكومة وحدات من الجيش وقد اطلق عليها اسم “حكومة الثورة” حيث اتخذت من بلدة بشامون مركزا لها وضمت الوزيرين “حبيب ابو شهلا ومجيد ارسلان” اللذين توجها برفقة رئيس مجلس النواب “صبري حمادة” الى البلدة المذكورة وهناك انضمت الى الحكومة مجموعة من الشبان شكلت ما يشبه الحرس الوطني فما كان من قيادة قوات الانتداب الفرنسي الا ان اصدرت اوامرها الى المقدم جميل لحود قائد فوج القناصة الاول انذاك بمهاجمة الثورة فرفض الامر معلنا انضمامه للحكومة وقام برفع العلم اللبناني في موقع فرقته العسكرية المتمركزة في “عين الصحة- فالوغا”. وأمام استمرار التظاهرات الشعبية اضطرت السلطات الفرنسية الى التراجع امام مشيئة اللبنانيين في اطلاق سراح رجالات الدولة . وفي 22 نوفمبر من العام 1943 نال لبنان استقلاله الذي استكمل لاحقا في تسليم المصالح الادارية والاقتصادية والجيش،و بجلاء قوى الانتداب الفرنسي عن ارضه نهائيا في العام 1946. وهكذا تم استقلال الوطن الذي هو محتل حاليا بالطائفية والعنصرية والمناطقية وبالفساد وبالتجديد النيابي وبالفراغ الرئاسي ..ويا الله يا كبير !.