هل سألت يوما ما لماذا يكسر القاضي القلم وهو على قوس المحكمة لحظة النطق بحكم الإعدام ؟ طبعا لا .. وحتى ان كنت قد حضرت فلن يلفت نظرك قيام القاضي عقب النطق بالحكم “بكسر سن قلمه” حيث هناك اكثر من تفسير لهذا التقليد المستمر منذ مئات السنين اهمها ” كسر القلم كناية عن الحزن العميق بالمصير الذي ينتظر المتهم”.
فكسر سن القلم عبارة عن عمل رمزي. حيث ان القلم بيد القاضي يرمز الى حياة المتهم خلف القضبان، وبكسر سن القلم فهذا يعني ان المتهم ستؤخذ منه روحه، وحيث ان السن لا يمكن اصلاحه مجددا، كذلك حياة المتهم التي لن تعود له بعد اعدامه.
وهناك سبب آخر هو ان قيام القاضي بكسر سن القلم بعد نطقه بحكم الاعدام على متهم ما بمثابة تخليص نفسه من ذنب انهاء حياة المتهم، بحيث ان هذا القلم هو ما استعمل في تدوين امر الاعدام بحق الشخص، فقد اصبح ملوثا بدماء المتهم على حد الاعتقاد. لذلك يكسر القاضي القلم للاستغناء عنه وعدم استعماله مرة اخرى .
وهناك ايضا سبب آخر يشير الى ان كسر سن القلم بمثابة الغاء اي وسيلة للتراجع عن الحكم الصادربحق المتهم، بحيث ان القاضي ليس لديه الصلاحيات الكافية لمراجعة او الغاء الحكم بالاعدام . لذلك فان كسر القلم كناية عن عدم قدرة القضاة بمراجعة الحكم مرة اخرى او التراجع عنه .
وطالما نحن في قاعات المحاكم، والعدل اساس الملك، يبقى سؤال آخر : هل صحيح بان القانون في بريطانيا لونه ابيض .. .
اذا تعالوا نكتشف اسباب ارتداء الشعر الابيض المجعد المستعار على رؤوس القضاة البريطانيين والى ماذا يرمز ؟
يعتبر الشعر المستعار والثوب الاسود من العلامات المميزة
للقضاة والمحامين في مدرسة القانون القديمة. لكن القضاة خلال القرن الواحد والعشرين، وخاصة في انكلترا،لا يزالون يرتدون نفس هذا الزي التقليدي القديم .. فكيف بدأت هذه العادة ؟
بدأ المحامون في المحاكم البريطانية يرتدون العباءات الطويلة في القرن الرابع عشر للميلاد، وكان لها عدة الوان بين القرمزي الى الاخضر الى الاحمر، بحيث لكل لون موسم معين او مناسبة خاصة. واصبح اللون الاسود هو اللون القياسي في نهاية القرن السابع عشر للميلاد ،عندما اعلنت بريطانيا الحداد على وفاة الملك تشارلز الثاني وبقي على لونه حتى يومنا هذا .
اليوم اصبح القضاة والمحامون في بعض الدول مطالبون بارتداء الشعر المستعار المجعد مع الثوب الطويل على الرغم من ان ملابس المحامين تتميز بزخرفتها القليلة، ولم تضف المحاكم الباروكة المجعدة رسميا الى الزي القانوني حتى القرن الثامن عشر عندما اعتبرت ان الشعر دلالة على الاناقة الثقافية .
ويقول تشالز يابلون استاذ في كلية “كاردوزو للقانون” ان الشعر المستعار والثوب الاسود الطويل اعتبرا زيا رسميا للقضاة في بريطانيا لسبب بسيط ،فقد بدأ القضاة والمحامون الانكليز بارتداء الشعر المستعار لأن الجميع في المجتمع الراقي كانوا يرتدون البروكة في تلك الايام واستمروا محافظين على هذا التقليد لأن احدا لم يأمرهم بالتوقف عنه . فالشعر المستعار مصنوع من شعر الخيل، مجعد وغير مريح ويسبب الشعور بالحكة والحر،اضافة الى الثوب الطويل. وعلى الرغم من ذلك فان سعر هذه الباروكات والاثواب مكلف للغاية وقد يصل الى الاف الجنيهات الانكليزية خاصة اذا اتت مزخرفة من نوعية مرتفعة بالجودة في القماش .
اما عن رأي القضاة في الاستمرار بارتداء الشعر المستعار والعباءات الطويلة فهم يعتبرون ان لهذا الزي هيبة كبيرة يفرضها داخل قاعة المحكمة وسلطة على المجرمين والخارجين عن القانون كما ان لهذا الزي قدرة على تمويه القضاة والمحامين بحيث لا يتعرف عليهم المجرم ان رغب بالانتقام .
اليوم لا تفرض المحكمة على القضاة ارتداء الشعر المستعار او الثوب التقليدي عندما يقفون امام المحكمة العليا او في القضايا المدنية او العائلية ولا يزال المحامون يرتدون الثوب الاسود في محكمة الاسرة كما يطلب ارتداء الباروكات خلال القضايا الجنائية فقط وتحت طائلة القانون .
اما تعليق الليبانون تايمز فهو كالتالي : هناك دعاوى في لبنان منذ عهد الانتداب الفرنسي لم تزل عالقة في قصر العدل .. شي يشيب شعر الرأس .. ويجعل شعر الباروكة يتساقط.. والثوب الاسود الطويل الطويل يصبح “ميني جوب” لان اصحاب الدعاوى ماتوا.. واولادهم ماتوا.. اما احفادهم فهم يتابعون الامر.. ادعوا لهم بالعمر الطويل !