تحية واحتراما وبعد، بصراحة دولة الرئيس لو كنت املك المال لكنت اقمت لك تمثالا، لأن ما تتحمله لم يتحمله اي رئيس وزراء سابق على مدى تاريخ لبنان . فانت المصلوب بين 30 وزيرا وهم نصّبوا انفسم 30 رئيسا .. ومصلوب بين مجلس النواب الذي اصبح كل فرد فيه ايضا رئيسا واصبحت انت الخادم الوحيد الذي لا يتجرأ على الاستقالة خوفا من ان ينهار الوطن .. واصبحت انت العالِم بما يرى وبما لا يرى من سمسرات وصفقات وطائفية وفضائح، وعالِم ايضا بان كل سياسي اصبح صاحب دكانة وسوبرماركت، وشاهد على التراشق اللا اخلاقي بينهم وانت الصامد، الصامت الذي يتلقى الضربات بشهامة لانك ابن عائلة عريقة، ووطنيّ .

لا احسدك دولة الرئيس، فاعذرني اذا قلت لك بانك اصبحت كالمسعف في قسم الطوارئ في المستشفيات ،حاملا القطن والدواء لبلسمة الجراح ان كانت خارجية او داخلية. ونظرا للعلاقات المتدهورة مع بقية الدول العربية، فانت اليوم تماما كالمصلح الذي ينال نصف الضربات في المعارك .

لو كنت املك المال لاقمت لك تمثالا على شفافيتك واخلاصك ..  وامانتك وتضحياتك .. وصمتك عما يجري وانت العالم بكل الامور التي تجري في الخفاء والعلن لانك تخشى ان ينهار لبنان ففضلت الصمت واضعا جسدك وكرامتك والامك متراسا للوطن، تتلقى الضربات من الوزراء والسياسيين والنواب وشعارك

لأكن ضحية .. على ان يبقى لبنان.

دولة الرئيس حتما ستقرأ ما كتبت والله انا صادق بكل كلمة، وكلما ارى صورتك على اجهزة التلفزة اقول في نفسي هل الله اعطاك  ما اعطى ايوب من صبر ..او انني اشاهد مسلسل ابو ملحم  مصلح القرية ..واتساءل في نفسي كيف تستطيع ان تمشي بين النقاط اثناء انعقاد مجلس الوزراء، وانت تتأمل وجوههم وكل وجه وراءه وجه ..والف حكاية وحكاية،  يصرّح باشياء ويضمر اشياء اخرى، فانا ارى الألم يعصر قلبك وعقلك وتتمنى لو باستطاعتك تقديم استقالتك والعودة الى منزلك، ولكنك فضّلت العذاب والجلد للحفاظ على ما تبقى من وطن يدعى لبنان .

سيدي دولة الرئيس،

بصراحة تستحق تمثالاً على تضحياتك، وعلى نظافة الكف، وعلى حبك للبنان الوطن. وخاصة على تحمل اصعب واقسى سنتين يمران في تاريخ لبنان .. وزراء انقسموا فيما بينهم واصبحوا كسوق عكاظ او كفرقة زجل كل فريق او كل وزير يحمل الدف ليهاجم زميله، وانت الصامت والشاهد الاكبر والمتألم على هذا الانحدار واسمعك تقول في قرارة نفسك :

 اين رجال الوطن .. اين صائب سلام .. اين كميل شمعون .. اين ريمون اده .. اين فؤاد شهاب .. اين شارل مالك.. اين ادوار حنين..اين المير مجيد.. اين كمال جنبلاط .. اين بيار الجميل . اين الرجال الرجال.. اين رجال الاستقلال .. اين رجال الوطن .

سيدي دولة الرئيس،

لا شك كنا في عهد البريمو.. اصبحنا في عهد الترسو..

كنا في عهد الذهب .. اصبحنا في عهد التنك .. فانت رجل من ذهب .

لذلك ولكل ما تقدم .. لو كنت املك المال لاقمت لك تمثالا ليكون شاهدا على تضحياتك خلال هذه الفترة التي هي من اصعب  مراحل الوطن داخليا وخارجيا .

واخيرا دولة الرئيس اسمح لي بالقول، انك كالطائر الذي يغرد في غابة من الغربان بشهامة وكبر اخلاق ونظافة وشفافية كان الله بعونك.

                                                 نبيل حباقي