في الماضي كان القمر منذ آلاف السنين مصدراً للمعتقدات الخرافية والأساطير التي ما زال البعض منها منتشراً. الى أن مشى الانسان على سطحه و أكتشف بأن القمر كله تضاريس و أرضه مشوهة كالعجوز التي أكل الدهر عليها وشرب … أو كامرأة جميلة نهارً بفضل المساحيق التي تكسو وجهها، وعندما تستيقظ صباحا وتشاهد وجهها بدون مساحيق وبويا حتى تقول : بارود أهربوا يا شباب ! والقمر يا سادة رغم أنه من الخارج ثريا مضاءة ومن الداخل أستر يا رب، لم يزل ملهماً للشعراء والكتاب ولكل من هو معشوق ليلى .. وروميو وجولييت، فأذا أراد أحدنا التغزل بحبيبته يقول لها : أنت قمر. …و أكثرية الأغاني العربية تدور كلماتها حول القمر منها : على بابي واقف قمرين – يا قمر الدار – ويما القمر على الباب – يا قمر مشغرة.. الى آخر المعزوفة . ومنذ شهرين كان الشغوفون بمراقبة السماء في مختلف أرجاء العالم على موعد مع ظاهرة القمر العملاق التي أثارت أهتماماً اعلامياً واسعاً في كل مكان . فقد كان القمر على مسافة من الأرض تبلغ 356 الفا و 509 كيلومتراً، علما بأن المسافة المتوسطة تبلغ 384 الفا و400 كيلومتراً، وهو لم يقترب الى هذا الحد من الأرض منذ سبعين عاماً . ويقول برنار ملغان منسق علوم الفلك في جامعة نانت لوكالة فرانس برس: ” القمر يغذي. خيال الانسان ويدفعه الى عالم الغموض والالغاز” . ولكن هل القمر مسؤول عن عدد من الظواهر التي تشهدها الأرض ؟ مثل حركة المد .. كما أنه يجعل محور الأرض ثابتا . وينعكس ذلك أستقرار في المناخ، لكنه أيضا مسؤول عن أيقاظ الخوف في نفوس الكثيرين ولا سيما حين يكتمل في منتصف الشهر القمري . في الأساطير الدينية اليونانية القديمة يتخذ القمر ملامح الآلهة “أرطميس” أما في الأساطير السومرية فان القمر مذكر وهو يؤدي دوراً هاماً للبشر . وتقول “ان مارشان” المتخصصة في القصص الأسطورية”، الانسان كائن نهاري والقمر مرتبط بالليل الذي يخيف الانسان وحين يكتمل يولد انطباع ان اشتد قوة يختلف شكل القمر في مراحل دورته الكاملة حول الأرض، أي الشهر القمري الذي يستغرق 29 يوماً ونصف اليوم، فيبدأ صغيراً ثم يكبر الى أن يكتمل ثم يصغر الى أن يختف لتتكرر الدورة مجدداً ويقول ” برنار ملغان” : يشكل القمر مصدراً للمعتقدات حول الموت والانبعاث خصوصاً في مصر القديمة، فالآله “اوزيريس” على غرار القمر هو أول ميت ينبعث حياً . في الحكايات الشعبية تزداد قوة السحرة مع أكتمال القمر في السماء وله الفضل أيضا في ابداع الخيال البشري لفكرة الرجل الذي يتحول الى ذئب حتى يكون القمر بدراً . ويسود أعتقاد أن منتصف الشهر القمري يثير اضطرابات عقلية بحسب “برنار ملغان” الذي يقول : في القرن التاسع عشر كان المجانين يتعرضون للضرب في المصحات قبل اكتمال القمر وبعده لتهدئتهم . ولأن القمر يكبر بعد ولادته في أول الشهر القمري صار مرتبطا بالخصوبة، وما يزرع وما ينمو ويعادل الدورة الشهرية للنساء، ظهرت تكهنات كثيرة حول ارتباط هذا بذاك، لكن العلماء يؤكدون هذا الأعتقاد الذي ما زال سائداً ومن الخرافات التي ما زالت سائدة أن الشعر والأظافر تنمو حين يكون القمر في طور النمو ليصبح بدراً، لذا يفضل أن يذهب المرء الى الحلاق في النصف الثاني من الشهر القمري حين يكون القمر في مرحلة الانحسارويسود اعتقاد أيضاً أن لمراحل القمر تاثيراً على الزراعة و أن كل مرحلة من الشهر القمري تناسب زرع نوع معين من النبات . في المقابل يتوقع برنار ملغان أن يتوصل العالم يوما الى تأثيرات حقيقية للقمر على الانسان ويقول : مثلا زوجتي لا تقدر أن تنام حين يكون القمر بدراً . وهناك أشخاصا أكثر حساسية من غيرهم حول هذه الأمور .