إذا مررت في شارع مار الياس – المصيطبة إرفع رأسك وإنظر الى لافته رخامية تعلو بناية قديمة كتب عليها : “هنا سكن المقدم شارل ديغول بين نوفمبر 1929 ويناير 1932

كان هنك رجلاً يدعى مصطفى غورو كان مرافقاً قديماً للجنرال غورو الذي عينته فرنسا مفوضاً سامياً لها في بيروت في 8 أكتوبر 1919 لذلك لقبه اللبنانيون مصطفى غورو وبعد رحيل الجنرال غورو  أصبح مصطفى بلا عمل ولكنه كان مولعا بفرنسا وعندما علم بإقامة شارل ديغول في العنوان المذكور هرع الى التعرف عليه وتقديم نفسه بإعتباره المرافق القديم للجنرال غورو فإعتمده شارل ديغول مرافقاً له . وظل مصطفى غورو يعيش على ذكريات لقائه بالجنرال ديغول ويروي عنه قصصاً واقعية لأصحابه قائلاً

مرة أطعمت شارل ديغول الكبة، لكنه قبل أن يتناولها وهو يتردد سألني: هل أنت متأكد إنني لن أتسمم اذا أكلت هذه الكبة المقلية بالزيت؟

فأجابه مصطفى: كيف يا حضرة الجنرال إنها مقلية بالزيت الذي أحضرته زوجتي وليس من المطاعم الرديئة. وهكذا تناول الجنرال من هذه الكبة ثلاثة أقراص وتلذذ بطعمها ودهش لطريقة طبخها

وقد طلب مصطفى الإنتساب الى الجيش الحر الذي كان يقوده الجنرال شارل ديغول.. وظل يفاخر بإنه كان مناضلاً جنباً الى جنب مع ديغول حتى مماته

وكانت في تلك السنوات اللغة الفرنسية سائدة بقوة وساعدت في تعزيز زيارات الرئيس ديغول للبنان وقضائه وقتاً طويلاً.. وظل الناس آنذاك يتذكرون صورة الزائر الغريب وما زالت صورة ديغول في ذهن مصطفى غورو وهو يصفه بأنه “كان طويل القامة يتمتع بكاريزما خاصة ولا يخلو من المرح وروح الدعابة، وكان يفرض إحترامه بين المحيطين به ولا يزال القدماء القلائل من سكان الحي يروون عنه القصص والحكايات

المصادفة الغريبة

ومن المصادفة أن في الشارع نفسه وفي البناية نفسها مطعم صغير منزوي يقدم أقراص الكبة. لا يتردد عليه زبائن كثيرون ولم يخطر على بال صاحبه أن يطلق على مطعمه “كبة ديغول” لو فعل لسبق أية شركة إعلانية في الترويج لمطعمه ولوقف الزبائن في طوابير طويلة ليتذقوا “الكبة التي أكلها الجنرال رئيس فرنسا شارل ديغول ذات مرة في لبنان في شارع مار الياس – المصيطبة

إنها صفحات من تاريخ لبنان التي لم تزل خارج ذاكرة النسيان