يطل علينا عيد الإستقلال الواحد والثمانون، لكن هذا العام يختلف عن سابقه. لم تعد إحتفالات الإستقلال كما كانت في الماضي؛ الشوارع لم تعد مزينة بالأعلام كما كانت، والمشاعر التي كانت تسكن قلوب اللبنانيين أصبحت متضاربة. كيف نحتفل ونحن نعيش في وطن ما زال يبحث عن إستقلاله الحقيقي؟
واحد وثمانون عاماً مرت منذ إعلان إستقلال لبنان، تلك اللحظة التاريخية التي حلم بها الأجداد وضحى من أجلها الشهداء. في ذلك اليوم المجيد، سُطرت أسماؤهم على بلاطة الجلاء في نهر الكلب، ليشهد التاريخ بأن لبنان قد نال حريته من كل إحتلال أجنبي. لكن اليوم، هل نحن أحرار بالفعل؟ وهل هذا هو الإستقلال الذي ضحى من أجله الأجداد والآباء والأمهات؟
في عيد الإستقلال الواحد والثمانون، ننظر إلى لبنان الذي نحب، لبنان الذي لا يزال واقفاً رغم كل الصعاب. نحب هذا الوطن بجنوبه وشماله، بسهوله
وجباله، بأرزه وبحره، رغم كل ما مرّ به من أزمات وتحديات. لكننا في الوقت نفسه نتساءل: أين أصبح حلم الإستقلال الذي نادى به الأجداد؟ هل إكتفينا بأن يكون الإستقلال ذكرى نحييها كل عام؟ أم أن الوقت قد حان لتحقيق إستقلال جديد، إستقلال نحتاجه أكثر من أي وقت مضى؟
الإستقلال ليس مجرد تاريخ أو يوم نحتفل به. إنه التزام تجاه الوطن وأبنائه، إنه المسؤولية التي تفرض علينا أن نبني دولة قوية، دولة تحمي الجميع بالمساواة والعدالة. إنه الحلم بوطن سليم خالٍ من الفساد، وطن يعترف بقيمة الإنسان وكرامته، وطن يوفّر لأبنائه الأمل بمستقبل أفضل
لكن لبنان اليوم يعاني. يعاني من غياب الإستقرار الأمني والسياسي والحرب الدائرة، ومن أزمة إقتصادية خانقة، الى حملة نزوح لأبناء الوطن، ومن إنقسامات طائفية أضعفت الوطن وأرهقت شعبه. إنه يعاني من تهميش حقوق مواطنيه وتجاهل مطالبهم العادلة. وبينما نحتفل بالإستقلال الـ81، نجد أن هذا الإستقلال ليس مكتملاً؛ لأن سيادة الدولة لا تزال مُرتهنة، والقرار الوطني غائب، والشعب بين مطرقة الفقر وسندان الغربة والحرب العبثبة
ومع ذلك، رغم كل الألم والضياع، يبقى الأمل. يبقى الأمل في شعب لا يعرف الهزيمة، في وطن يتجدد مع كل شروق شمس. لقد مرّ لبنان بكثير من الأزمات، لكنه دائما ما ينهض من تحت الرماد. نحن نؤمن أن هذا الوطن يستحق الأفضل، وأن الإستقلال الحقيقي سيأتي عندما يستعيد الشعب قوته وإرادته الحرة
رسالتي إلى أبناء لبنان
في عيد الإستقلال الـ81، دعونا نعيد النظر في معنى الإستقلال. دعونا نعمل من أجل بناء دولة تحترم مواطنيها، دولة القانون والمؤسسات، دولة تضع مصلحة الوطن فوق كل إعتبار. دعونا نتحد من أجل لبنان جديد، لبنان يسع الجميع، ويكون فيه المستقبل أفضل للأجيال القادمة
نعم، الطريق طويل وصعب، لكن الأمل هو الذي يقودنا. الإستقلال الحقيقي لا يُمنح، بل يُنتزع بالإرادة والعمل والإيمان بوطننا. لنجعل من هذا اليوم محطة للإنطلاق نحو إستقلال جديد، إستقلال يتجسد في وحدة اللبنانيين ووقوفهم صفاً واحداً ضد كل من يحاول تقويض هذا الوطن
كل عام ولبناننا بألف خير، وكل عام وشعبه أقرب إلى الإستقلال الذي نحلم به جميعا