غريب الأمر عندما تتطلع الى حضارات الشعوب والى إستبدال الحروب بالغناء… وإستبدال الرصاص والقذائف والطائرات الحربية والدبابات بالغناء… وتنصر عليهم بالغناء… وتسقط عروش وجيوش وتندثر وتنسحب أمام الغناء… وينتصر حرب الغناء على حرب الدمار

هذا ما حصل في دولة “استونيا” وهي تعتبر من دول البلطيق وكانت جزءا من الرابطة الهانزية بقيادة المانية وحكمت من قبل الدنمارك ثم السويد ثم روسيا ابتداء من عام 1721.

ولكن بعد إنهيار الامبراطورية الروسية والثورة البولشفية تمكنت استونيا من الاستقلال لسنوات معدودة فمنذ سنة 1918 الى سنة 1939 لكنها سنوات بدون استقرار بسبب توسع السوفيات والالمان انذاك، وأصبحت كالالعوبة بينهما

سنة 1939 قام الاتحاد السوفياتي بإحتلال استونيا، ومن ثم جرى احتلالها من قبل النازيين سنة 1941 الى سنة 1944

وفي سنة 1944 أعيد احتلالها من قبل الاتحاد السوفياتي لغاية عام 1990، ولكن في حلول نهاية الحرب العالمية الثانية تم ترحيل أكثر من ربع سكانها الى سيبيريا او اعدموا او هربوا من البلاد.  وهكذا أصبحت استونيا تعتبر مقاطعة تابعة للاتحاد السوفياتي، وكانت جميع عناصر المجتمع المدني الاستوني تعاني من القمع الشديد لكن رغم كل هذا القمع لم يتمكن لا السوفيات ولا النازيون من استنفاذ إرثها الثقافي والفكري

ففي سنة 1988 بدأ العصيان المدني ينتشر وتعطش المواطنون للحرية والاستقلال من قمع السوفيات. وبدأ الاستونيون ما يعرف اليوم بثورة الغناء التي بدأت بمهرجان في أستونيا وانتشرت على نطاق واسع الى دول البلطيق الاخرى.عرفت هذه المظاهرة كمظاهرة تاريخية لمزيد من الاستقلال