رفعت لافتة كتب عليها “بدي شوف ولدي” على ورقة كرتونية أثناء المظاهرات المندلعة ببلدة النبطية جنوب لبنان. وفي غضون دقائق صارت هذه الجملة هي هتاف المتظاهرين ثم قال أحدهم : “لن يمر اليوم حتى ترينه”. بدأ المتظاهرون في تمرير قصة “بادية ح.” السيدة اللبنانية التي حرمت من إبنها لمدة 11 عاماً بموجب قانون الأحوال الشخصية اللبناني الخاص بحضانة الطفل واستمروا في البحث عن إبنها في شوارع المدينة” . وأثناء هتاف المتظاهرين باسم “أياد ابن بادية” وتمريرهم لقصتها بين بعضهم البعض أمسكت فتاة صغيرة بيدها لتسحبها وهي تردد : “لقيته.. لقيته” .. في إشارة الى إبنها

لم تعد تستطع الأم بادية من الوقوف فركعت على الأرض وهي تحتضن الطفلة وتصرخ  أين هو؟ هل أنت أكيدة بأنه أياد.. الفتي الذي حملته تسعة أشهر حيث رآه قلبي قبل ان تراه عيني! أين هو .. خذيني اليه فأسرعت الفتاة الصغيرة التي هي صديقة أياد ومنزل الأهل حيث تسكن فيه قريب من منزل أياد وقالت بادية عبر مواقع التواصل الإجتماعي لأول مرة منذ 11 سنة ارى إبني بلحمه ودمه أمامي ما عرفت شو بدي أعمل ولا شو بدي احكي وتابعت حديثها قائلة : جمعت قوتي وسألته عرفتني؟ قال: عرفتك.. وكان صوته يرتجف ويديه ترتجفان والدموع تنساب على خديه.. كان خائف مثلي وخجول ولكن سرعان ما أخذته إبنة عمه من والدته ووبخته نظراً لأنه يخالف الشرع برؤيته والدته.

وقالت بادية السيدة صاحبة ال 49 عاماً انه تم طلاقها من زوجها منذ 11 عاماً ومنذ ذلك الوقت وهي لم تر أطفالها كأية ام اخرى، حيث أخذ منها طفلاها “أياد وعلي” عندما كان أياد بعمر ال 3 سنوات وعلي يبلغ من العمر سنة، والآن اصبحت اعمارهما 14 و 12  عاماً ،حيث كانت طوال الفترة الماضية تختلس النظر اليهما خلسة وتلحق بهما من مكان الى آخر فقط لتراهما وتطمئن عليهما، وحتى عندما رأت إبنها اياد أثناء المظاهرات لم تره لأكثر من دقيقة واحدة حاولت بادية مع طليقها كثيراً حتى تستطيع رؤية أطفالها بطريقه ما، ولكن كل محاولاتها باءت بالفشل طوال 11 سنة، لذا بقيت تلاحقهم في كل الأمكنة كي تلمح ظلهم دون الإقتراب منهما خوفاً عليهما، وخوفاً من طليقها.. كانت تنظر اليهما من خلال سور المدرسة ومن خلال ملاعب الفوتبول.  قالت : فقد أمضيت 11 سنة وانا اسرق النظرات كي يرتاح قلبي ولو بنظرة، فقد مارست أمومتي مثل اللص المطلوب للعدالة. وروت بادية تفاصيل طلاقها من زوجها وقالت: طليقي وقع في غرام امرأة ثانية، فقرر ان يلغيني من حياته ولو بقي اولادي معي كان سيبقى هناك خيط يربطني به.. وهذا كان نوع من التهديد لحياته الجديدة، مع الأسف في الشرق النظام هو ذكوري  ويحق له الإستبداد دون تقديم اي تبرير والمجتمع اللبناني يدعمه ودائماً تكون المرأة هي الخاسر الأكبر . حقيقة القوانين التي يتم تطبيقها غير منصفة.. فأنا أحلم بوطن عادل، وأتمنى ان تنجح الثورة في تصحيح مسار الدولة حتى تصبح دولة قائمة على العدالة والإنصاف والمساواة بعيداً عن النظام الطائفي . والجدير بالذكر بأن بادية حرمت من إبنها اياد بموجب قانون الأحوال الشخصية الخاص الذي يمنع المطلقة من حضانة الطفل وحضانتها تستمر مع إبنها لمدة سنتين فقط وبعد انقضاء السنتين يعيش الطفل مع والده وفي حالة وفاة الأب الحضانة تنتقل للأجداد او حتى العم او العمة لكنها لا تنتقل الى الأم في اي حالة من الحالات .الى متى ستبقى المرأة في الشرق درجة ثانية.. وثالثة ايضاً، والقانون لا يعترف الا بالذكورية مع ان المرأة هي نصف المجتمعز امّا الأم بادية بعد ان حضنت ابنها بعد 11 سنة بقيت طيلة النهار تشتم راحة يدها وتقبلها لأنها تحمل رائحة ابنها أياد

في اليوم التالي ركعت خلال الانتفاضة صارخة : شكرا لك يا إنتفاضة فقد بللت قلب أم. ولم تزل أم اياد تعيش ليلها ونهارها في الانتفاضة وعيونها شاردة يميناً ويساراً باحثة عن إبن أخذ منها نصف روحها عند ولادته ، هذه القصة الحقيقية مهداة لقراء الليبانون تايمز في عيد الحب من قلب الإنتفاضة اللبنانية.. لأن حب العالم كله.. وكل أعياد الحب في العالم.. لا تساوي جزء ضئيل من محبة الأم